Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

http://i26.tinypic.com/208we90.jpgكان كل من أخبرهم بسفري إلى لبنان يندهش ويستغرب، ثم يبتسم وترسم على ملامحه نظرات شيطانية تتبعها تعليقات ذات خلفية عجرمية مفادها أنني سوف أعاني الأمرين ... فالمنظور العامي الذي يبنى على ما تقدمه القنوات الفضائية يتصور أنه ليس في لبنان إلا هاته المنتوجات الروتانية التي تحركها شركات الإنتاج ودور التمييع لإفراغ جيوب الأمة، التي جعلها الله لهم قيما قبل أن تفرغ قلوبهم من لذة الإيمان وعقولهم من نور الحكمة

لن أنكر بأن لبنان هو معقل المغنيات الأكثر إثارة اللاتي غزون شاشات العرب ومدارك شبابها وأنه مصدر الفيديوكليبات الأكثر إغواءً وتهييجا لشهوات الشيوخ قبل الشباب ونزوات المحصنين قبل العزاب، ولن أنكر كذلك بأن الله من على أهل هذا البلد بجمال طبيعي منقطع النظيرو سلاسة لغوية قلما تجتمعان في شعب اخر و لكن ليس هذا ما جعلني أسعد برحلتي هاته.

فلبنان الحقيقي لا كما يجعله الروتانيون و المستعمرون ثقافيا هو رمز حقيقي للصمود و مدرسة للتحدي ...
لبنان يحكي فعلا تاريخا مأساويا أو قل مأساة تاريخية ...
لبنان هو العضو الأول المتضرر من السرطان الصهيوني بعد فلسطين ... و له دروس بليغة في مجموعة من القضايا ابتداءا من مقاومة الاستعمار الفرنسي إلى إيواء المهاجرين الفلسطنيين، و من طرد الإجتياح الصهيوني إلى مقاومة الإنقسام و التغريب ... لبنان قدم ولا زال لائحة من المفكرين والمثقفين والعلماء والمجاهدين اللذين اناروا للناس دروب المعرفة و الفكر،قبل أن تحاول قنوات الهيافة إعادة لبنان ودول الشام والحجاز ومعهم دول المغرب العربي والعالم الإسلامي قاطبة إلى تبرج الجاهلية الأولى واتباع الهوى وعبادة الشهوة والمال، بعد أن حررهم الإسلام بعقلانيته الأصيلة وعقيدته الصحيحة وعمقه اليسيرمن كل ذلك ...

إنه لمن السذاجة أن يحكم الإنسان بشكل بسيط اختزالي على بلد ما استنادا على ظاهرة معينة يشتهر بها، والتي قد تكون خاطئة نظرا لعدم إستقلالية وسائل الإعلام و تعددها، وسرعة إنتشار الباطل الذي يوافق السياسة، وصعوبة الوصول إلى الحق الذي تقمعه الرقابة ... مما يجعل الجوانب الأخرى الأهم و الأكثر تعبيرا تضمر أمام هذه النظرة السطحية الضيقة المتعارف عليها لبلد ما...

و إنه لمن الظلم بحق بلد قدم مئات الالاف من الشهداء، ووقف سدا منيعا أمام طموح فرنسا في إقامة دولة مسيحية في المنطقة، وطموح "إسرائيل" في ضم لبنان إلى أرضها في مشروعها، أن يشتهر بالعري والمجون والرقص والسهر، أكثرمن إشتهاره بتاريخه الحافل بالأحداث، والتي يجهلها في أبسط التفاصيل أواسط الناس ثقافة وعمرا ... فكم من أحد يجهل بأن مجزرة صبرا وشتيلا وقعت في لبنان وليس في فلسطين ؟

و كم من أحد يظن أن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مجرد حرب طائفية بين المسلمين و المسيحيين فقط؟ هذا إن علموا وقوعها أصلا ... و كم من أحد لا يميز بين حماس وحزب الله فيضعهما في خانة واحدة،_ و هي الخانة التي وضعتهم فيها الخارجية الأمريكية_ ليسهل فهمه للأحداث مع أن لكل منهما مرجعيته وبرنامجه ... فالناس تعودت على فهم الواقع بطريقة اختزالية وفقا لقانون الكل أو العدم، و طبقا للمبدأ السينمائي الذي يقسم البشر إلى "أشرار" يجب معاقبتهم و "أخيار" يجب مساندتهم، هذا المبدأ الذي أعلنت عنه أمريكا على لسان رئيسها قائلا "على الدول التي نتعامل معها أن تعلم أنها إن لم تكن معنا فهي مع الإرهاب"

أطلب من كل اولئك الذين اقترن اسم لبنان لديهم بالغناء والرقص، أن يفكروا بزيارة هذا البلد لأسبوع أو أسبوعين، فأثار الجرائم الصهيونية والغارات وأحوال المخيمات وثراء المكتبات وتنوع الثقافات كفيلة بأن تصحح لهم هذا المفهوم، وتثنيهم ربما عن أن يتفقدوا ملاهي الليل أو النهار، فيكونوا بذلك صورة واضحة و متكاملة و بلا شك مختلفة كثيرا عما كانت في أذهانهم ... وأطلب من كل من يقرأ هذه الكلمات بأن يوقف الإشاعة عنده و لا يخوض في باطل، و بأن لا يتفوه بكلمة بخصوص بلد ما حتى يأكل مع أهله ويشرب من مائه و يرى بأم عينه حاله... ذلك أقرب للتقوى، و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل


Tag(s) : #مذكرات و خواطر
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :